منتديات ستار بوسعادة
منتديات ستار بوسعادة
منتديات ستار بوسعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... !

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
fathi320
مدير المنتدى
مدير المنتدى
fathi320


ذكر عدد الرسائل : 355
العمر : 39
الموقع : google
العمل/الترفيه : كرة القـــدم
المزاج : لباس الحمدلله
Personalized field : دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... ! 8010
المهنة : دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... ! Studen10
الهواية : دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... ! Sports10
نقاط : 728
تاريخ التسجيل : 17/11/2008

دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... ! Empty
مُساهمةموضوع: دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... !   دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... ! Emptyالسبت مارس 23, 2013 3:15 pm



في ظلمة الليل وسكون الأحلام ، أغلق
الباب بعنف وذاب بين دروب الظلام ، راح يدور ويتجول بين الأزقة الفارغة
والشوارع المجاورة ، كان يبحث عن مجهول لا يعرفه ، تائه وسط صحراء الخفافيش
و خواطر الرعب ، ونفسه مشتعلة غضباً وسخطاً عن الأقدار ، تلك الأقدار التي
قادته الى سيجارة رخيصة عثر عليها في طريقه ، أشعل السيجارة وراح ينفث
الدخان ، حاول بكل احساسه وكيانه أن يستمتع بطرح لفافات الدخان ، أن يتعايش
مع لحظة احتراق السيجارة واشتعالها نيراناً من أجله ، لكنه ظل يسعل طويلاً
وسط حشرجات صدره المقتطعة ..

العذاب أينما رحل وولى ، كأنما كتب على
جبينه العذاب ، عذاب الظلام القاتم الدي كان يسير في دروبه ، وقبله عذاب
الأم العجوز الشقية ، خاطره كله يلعنها، و يتمنى أن يغرس السكين في عنقها
ليدرجها بالدماء ، و يتلذذ بتخيل صورة جثتها ، أيضاً تلمظ على مشهد صلاة
جنازتها ، لكن .. مهلاً ! ، أ تراك فقدت انسانيتك الى هدا الحد ، أليست هي
في النهاية أمك التي ولدتك وربتك ، أ نسيت اليوم الذي غيرت فيه حفاظاتك
النتنة ! وصبرت فيه على صراخاتك المزمجرة التعيسة .. ! ثم ما الجريمة التي
اقترفتها ؟ كأنما هي المولودة سئلت بأي ذنب قتلت ، كل ما فعلته أنها واجهتك
بالواقع أيها الجرذ العاطل المعدوم .. " لا عشاء اليوم ، و لا مزيداً من
التأخرات الليلية مع أصدقاء الشيشة و الحشيش .. ! " ما ذنب أمك المسكينة ..
كي تتحمل تبعات نفسك الهجينة المتمردة الثائرة .. التي كان ينبغي لها أن
تفرغ هده الشحنات في وجه المفسدين ... في وجه أولئك الدين حرموك الكرامة
وسلبوك حقك في وظيفة بسيطة تقتات منها معتزاً مفتخراً دون أن تلجأ لاذلال
نفسك كل يوم بعد منتصف الليل باحثاً في بقايا الطعام .. أما وجدت غير أمك
حتى تفرغ فيها مكبوتاتك المريضة !

كان دلك صوت بصيص من الحق مازال يعشش في
عقله ، عذاب الضمير الدي زاده حيرة على حيرته وسط الظلام ، لا زالت تلك
الصورة تأتيه كلما حاول أن يتلذذ بنسيان همومه مع طرحه لدوائر دخان سيجارة
القمامة ، صورة سبه لأمه ولعنه لدينها ولليوم الذي ولدَته فيه ، قبل أن
يخرج ويدفع الباب بكل قوة ليريهم رجولته وفحولته ...

لم تستطع السيجارتين الرخيصتين التخفيف
بنيرانهما الخفيفة من حريقه الداخلي المشتعل ، كان يحاول اطفاءه بأي وسيلة ،
قرر الذهاب الى رفقة الدرب المجاور في مقهى الشيشة علهم يخففون عنه ، علهم
يخرجونه من جحيم صار يراه في كل طريق مظلم يسلكها ، كانوا يضحكون كعادتهم و
وينتشون وهم يأكلون لحوم اخوانهم وجيرانهم و أقاربهم على مائدة الشيشة ،
انضم اليهم خجلاً تعيساً ، لم يستطع مجاراة أجواء قهقهاتهم العالية التي
كانت تذيب سكون الليل وتفقده خصوصيته وجماله ، حاول أن يأخد الفرصة ليتحدث
اليهم ، ليطرح ما في قلبه من عذاب ، لكنه خاب ، لأنه عرف الجواب ، الدي لن
يخرج عن نطاق سخريتهم وقهقهاتهم ..

زاده أصدقاء الدرب حيرة على حيرته وهو
يسير في طريق الظلام ، ربما من حسن حظه أنه لم يخرج من عند أصدقائه فارغ
اليدين ، بل كانت بين يديه قارورة نبيذ رخيص، كان يرى فيها الأمل الوحيد
لتحريره من قيود الواقع ، من جحيم القدر ، وعذاب الضمير وسوء المصير ، كان
يحتسيها وهو يسير ، يسير ويسير طويلاً دون عياءٍ في طرق الظلام المتفرقة ،
الى أن سمع صوتاً اختلط بطعم النبيذ فكون رعشة خاصة ، هو صوت المؤذن يعلن
بزوغ فجر جديد ، ليدله على طريق أخرى غير طرق الظلام ، طريق الجامع الكبير
الدي فيه شيء من انارة و حركة وحياة ..

قصد المسجد الدي لم تطأه قدماه منذ سنين
طويلة ، لم يقدر على الدخول الى داخل هدا المكان المقدس ، ظل يتأمل القلة
القليلة وهي تركع وتسجد ، ثم تركه وتسجد ، تمنى واشتاق أن يكون بينهم ، لكن
هيهات .... لا يمكن لهذا الحقير النجس المدنس أن يلوث هدا المكان الطاهر
المقدس !

هكدا أهان نفسه فترك طريق النور جانباً ،
و لازال يتحرك بين أزقة الظلام الموحش ، حيث الشياطين والخفافيش والأشباح ،
حيث السكارى و اللاهون وأصوات النباح ، هو ذاته الصوت يخترق أسماعه ، يرى
كيف تقاوم القطة بكل قوتها الكلب ، يلوذ أبنائها الصغار بالفرار ، بينما هي
تموت على يدي الكلب الهجين .. يعود أبنائها بعد ذاك في مشهد مأساوي يدمر
قلب الحجر ، يا لك من أم حنون أيتها القط ، ذكرته بأمه ، أضحكته المفارقة ،
أرسل زفرة طويلة من سخرية الأقدار .. !

أتعبه السير وسط دهاليز الظلام الذي بدأ
يتلاشى لتتراءا في الآفاق قطع الصبح المشرق ، لا زال يقاسي ألم العذاب ،
الدي لم يجد له أي جواب ، بلى .. الجواب الوحيد في العودة الى الدار ، في
الرجوع الى الأم المسكينة ، وتقبيل يديها ، بل رجلها ، وطلب السماح ، حطم
صنم كبريائه ، وراح يسعى لاهثاً لمنزل أمه، ظل يجري ويجري والنور بدأ يعلن
عودته ، وصل الى الدار ، قام بطرقه بعنف وللحظات متوالية وطويلة ، وهو يصرخ
وينادي عالياً " أمــآآآآه ، افتحـي الـبــــــــاب " ، كان يعلم يقيناً
أن جفناً لن يغمض لأمه الا بعودته ، لكنها لا تفتح البـاب ، صوتٌ عتيق آخر
يملأ أرجاء المنزل الضيق ، صوت النواح والبكاء ، عذاب آخر يجتاح نفسه
المحترقة ، وهو يرى تلك الصورة التي تلذذ بتخيلها في منتصف الليل ، هي صورة
جسد أمه الحنون جثة هامدة ، بغير روح ، طارت روحها ، غابت عنه الى الأبد ،
أطلق دموعاً طويلة ، هي دموع الويل غمرت المكان ... !




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starbsd.yoo7.com
 
دُمـــــــوع الوَيــــــــــــــل .... !
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ستار بوسعادة :: أدب وشعر :: القصص القصيرة-
انتقل الى: